دور اجراءات الصحة والسلامة المهنية في التقليل من الأمراض المهنية داخل بيئة العمل مجمع سوق الخميس للإسمنت ومواد البناء نموذجا

الملخص

تهدف هذه الدراسة إلى تقييم الأثر الفعلي لبرامج الصحة والسلامة المهنية في الحد من انتشار الأمراض المهنية بين العاملين في مصنع سوق الخميس لصناعة الإسمنت في ليبيا. انبثقت مشكلة الدراسة من وجود تناقض واضح بين الوجود الشكلي لهذه البرامج واستمرار تسجيل حالات الأمراض والإصابات المرتبطة بالعمل، مما يثير تساؤلاً جوهرياً حول مدى فعاليتها التطبيقية الحقيقية. وتكمن أهمية الدراسة في سد جزء من النقص في الأدبيات المحلية والعربية، وتزويد إدارة المصنع والجهات الرقابية بتشخيص دقيق وبيانات ميدانية تدعم عملية اتخاذ القرارات المستنيرة لتحسين بيئة العمل. وقد سعت الدراسة للإجابة عن تساؤل رئيسي revolves حول الأثر الفعلي للبرامج، وتفرع منه أسئلة فرعية استقصت طبيعة البرامج المطبقة، وانتشار الأمراض المهنية، وتقييم العاملين للإدارة لفعاليتها، والمعوقات التي تواجه التطبيق. واختبرت الدراسة فرضية رئيسية مفادها وجود علاقة ارتباطية سالبة ذات دلالة إحصائية بين تقييم فعالية البرامج وانتشار الأمراض، وعدة فرضيات فرعية تناولت الفروق حسب المتغيرات الديموغرافية والعلاقة بين أبعاد البرامج ومعدلات الإصابة.

اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي، وطبقت أداة استبيان على عينة طبقية عشوائية قوامها (70) عاملاً من مجتمع الدراسة البالغ (566) عاملاً. وكشفت أهم النتائج عن وجود قصور كبير في تقييم العاملين لفعالية البرامج، حيث لم تتجاوز نسبة الموافقين على فعاليتها العامة 32.86%. كما أظهرت النتائج انتشاراً ملموساً للأمراض المهنية، حيث أفاد 27.14% من العينة بتشخيصهم رسمياً بأمراض مهنية، مع تسجيل أعلى نسب انتشار للأعراض التنفسية (38.57%) والعضلية الهيكلية (50%). وحددت الدراسة معوقات التطبيق والتي تمثلت في المعوقات الإدارية (68.57%)، ونقص الموارد (60.00%)، والمعوقات البشرية (54.29%). وأكدت التحليلات الإحصائية وجود علاقة ارتباطية عكسية قوية ودالة إحصائياً بين تقييم البرامج وانتشار الأعراض الصحية (معامل ارتباط = -0.423)، كما أظهر تحليل الانحدار أن التقييم يفسر 17.9% من التباين في انتشار الأمراض. وفي ضوء النتائج، أوصت الدراسة بضرورة تطوير سياسة واضحة للصحة والسلامة، وتصميم برامج تدريبية مكثفة وعملية، وتوفير معدات الوقاية الشخصية الكافية والملائمة، وتفعيل نظام رقابي وإشرافي صارم، وإنشاء سجلات طبية مهنية دقيقة لكل عامل