التَّزَامُنُ ونَبْذ التَّارِيخ بينَ الأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع واللِّسانيات
الكلمات المفتاحية:
اللازمنية، النسق، التعاقبية، التقاطع المعرفي، الأنثروبولوجيا، السوسيولوجيا، اللسانياتالملخص
تعدّ فكرة "التزامن" أحد أشهر مظاهر التقاطع المعرفي بين الأناسة وعلم الاجتماع واللسانيات، فقد اعتمدت هذه العلوم الثلاثة عليها في بناء أنساقها، ولعلّ هذا الاعتماد، وإن كان لغايات علميّة، لا يخلو من أبعاد ومغازٍ بعيدة، إذ يبدو أنها جميعًا توحّد النظر إلى الظواهر الاجتماعية والثقافية وفق رؤية مرجعية وخطط إيديولوجية اضطرتها إلى إحداث نقلة من مفهوم التزامن الى مفهوم "اللازمنيّة" وهذا ما تسعى الدراسة إلى الكشف عنه.
يمكن معاينة النزوع إلى اللازمنية مع الأنثروبولوجيين الأوائل الذين صرفوا همّهم إلى دراسة الأنساق في المجتمعات البدائية التي لا تحفل بالكتابة لتدوين آثارها و تطبير ماضيها، ومن هنا عمِّمَتْ هذه الفكرة، وأصبح التوجه نحو الأنساق بمنأى عن التاريخ عقيدة معرفية اعتمدتها الأناسة البنائية واللسانيات البنائية في خطابهما، فقد تصادفت تصوّرات المدرسة الوضعيّة في السوسيولوجيا والأنثروبولوجيا واللسانيات مع تصوّرات الأناسيين الأوائل، إذ ساد التوجه إلى نبذ التاريخ من بعدهم واعتُمِد في الدراسات الاستردادية حين أرادوا الوقوف عند جذور الظواهر الاجتماعية، فبدلًا من ملاحقة الظواهر و فترات تطورها استندوا إلى الظنّ والتخمين لاسترداد أشكالها الأولى، ومن هنا شاع النظر إلى المجتمع والثقافة ،وكلّ الظواهر البشريّة، من منظور"لا تاريخي".
وهكذا انعكس المنظور المناوئ للتاريخ على الخطاب الاجتماعي الوضعي لدى دوركايم ومريديه، وعلى الخطاب اللساني وإفرازاته في عالم الأدب والنقد والثقافة، فانتهى به الأمر إلى الاعتقاد باستقلال اللغة مثل أية ظاهرة عن تاريخها، ومنه استقلال الأدب بكلّ أشكاله عن تاريخه، وهذا ما يمكن التماسه لدى سوسير وخلفائه في حقول اللغة والأدب والنقد، ومن ثمّ في الخطاب الأنثروبولوجي البنائي كما يبدو ذلك في أوضح صورة عند كلود ليفي شتراوس.
منشور
كيفية الاقتباس
إصدار
القسم
هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution 4.0 International License.