منهج القصيدة عند شعراء القرنين الثاني والثالث الهجريين: عصر التجديد

الملخص

يُمثل القرنين الثاني والثالث للهجرة  زمن حكم  العباسيين الأول والثاني، وكما نعلم فإن هذا العصر تميز بالتطور الذي طرأ على الآداب في نواحيه المختلفة من الشعر والنثر، فدخول الكثير من الشعوب والقبائل في ظل الدولة الإسلامية ساعدت على دخول الكثير من الألفاظ والمعاني الجديدة التي استعان بها الشعراء، وقد لمع عدد من أسماء الشعراء الذين ساعدوا في التطور الشعري في هذا العصر ومن أشهرهم أبو نواس، وبشار بن برد، وابن الرومي، وأبو تمام  وهنا في هذا البحث سوف أحاول التطرق إلى مظاهر هذا التطور، وخاصة في الشق المتعلق بمنهج القصيدة، وهو الذي شهد ثورة كبرى على نمط العصور التي سبقتهم، تمثل هذا الخروج في ضرب الكثير من الأسس التي أستند عليها شعراء العصور السابقة عرض الحائط، معتمداً في محاولتي هذه على المنهج التاريخي مضافاً إليه المنهج الاستنباطي في بيان جزء يسير من هذا التطور. حيث يُعدّ الشعر العربي في عصر العباسيين فناً قائماً بذاته له مراحله ومنهجه ومدارسه، وله أعلامه الذين تزخر بهم المصادر والمراجع، والذين قامت لجلهم دراسة ذات أثر كبير في بيان الموهبة الفطرية للرجل العربي، وكذلك المرأة التي كانت لها شخصيتها الأدبية الفريدة بدءاً من الجاهلية حتى يومنا هذا.

وقد توصلت في هذه الدراسة إلى خلاصة مفادها أن الشعراء انقسموا في ذلك العهد بين محافظ على تقاليد القصيدة الجاهلية والإسلامية وبين خارج عليها بقصد التجديد والابتكار، وكان لطبيعة التطور أثره البالغ في هذا الخروج، فحياة المدن والتطور والدُور والرياض كانت تفرض أنماطًا جديدة غير ما كانت تفرضه البداوة والصحراء، ولهذا انقسم النقاد إلى مؤيد لهذا لتطور، يرى أن التطور لابد أن يفرض على الشعراء مسايرته والسير معه، ومن هؤلاء الراوية حماد إمام الكوفيين وتلاميذه، ومعارض يرى أن هذا الخروج هو دليل على عدم الموهبة وعدم الخبرة بالشعر وفنونه، ومنهم أبوعمرو بن العلاء إمام البصريين وتلاميذه، ولكن وجب علينا احترام وجهة نظر كل عالم من هؤلاء ودراسات الأسباب التي أستند عليها في موقفه هذا .

 هذا ما توصلت إليه في هذه المحاولة المتواضعة عن هذا الموضوع الكبير الذي شغل علماء الأدب عصورا ً عديدة .....والله أعلم.