أزمة المياه الجوفية في مدينة سبها: دراسة تحليلية لاستنزاف المخزون وتدهور النوعية

الملخص

تعتبر مدينة سبها، الواقعة في جنوب غرب ليبيا، واحدة من المناطق التي تعتمد بشكل رئيسي على المياه الجوفية لتلبية احتياجات سكانها الذين يتجاوز عددهم 400 ألف نسمة. وتواجه المدينة تحديات كبيرة تتمثل في الاستنزاف المتزايد نتيجة الضخ الجائر من الآبار الارتوازية، تراجع مناسيب المياه الجوفية بسبب قلة التغذية الطبيعية وارتفاع معدلات الاستهلاك، تدهور جودة المياه بسبب التلوث الناتج عن التسربات الزراعية والصناعية وعدم وجود إدارة مستدامة للموارد المائية، مما يؤدي إلى سوء توزيع الاستهلاك بين القطاعات المنزلية والزراعية. هدفت هذه الدراسة إلى تحليل الوضع الراهن للمياه الجوفية في سبها من خلال دراسة الخصائص الفيزيائية للمنطقة وتقييم أثر العوامل الطبيعية والبشرية، على استهلاك المياه الجوفية في مدينة سبها. استخدمت الدراسة نهجًا وصفيًا استقرائيًا وتحليليًا وإحصائيًا، مع استخدام تقنية نظم المعلومات الجغرافية (ArcView) GIS للتحليل المكاني. كشفت نتائج الدراسة عن أزمة مائية خطيرة في سبها، حيث يعاني النظام الجوفي من استنزاف متسارع بمعدل 2-3 أمتار سنوياً في مناسيب المياه بسبب الضخ الجائر الذي يتجاوز قدرة التغذية الطبيعية بأكثر من 99%. وتفاقم هذه المشكلة مع تدهور جودة المياه، حيث أظهر 85% من الآبار تلوثاً كيميائياً أو بكتيرياً، مع ارتفاع مستويات الملوحة والعسر لتتجاوز المعايير الدولية المسموح بها مما يشكل خطراً على الصحة العامة ويحد من صلاحية المياه للاستخدامات الزراعي. كما أسهم التوسع العمراني والعشوائي في تقليص مساحات التغذية الطبيعية بنسبة 40%، بينما استهلكت الزراعة الواحية 65% من المياه بسبب استخدام أساليب ري غير فعالة. وتعمق هذه التحديات غياب نظام مراقبة حديث بعد عام 2011، مما يعوق التخطيط المستدام لهذا المورد الحيوي. تخلص الدراسة إلى الحاجة الماسة لتطبيق إستراتيجية عاجلة تشمل تحديث أنظمة المراقبة، وفرض ضوابط صارمة على حفر الآبار، ونقل التقنيات الحديثة في الري لتجنب انهيار النظام المائي في المنطقة.