جدلية العلاقة بين أولياء الصوفية والسلطة الحاكمة بإقليم طرابلس: الشيخ عبد السلام الأسمر (880 – 981 هـ / 1475 – 1573 م) أنموذجًا
الكلمات المفتاحية:
الصوفية، السلطة الحاكمة، اقليم طرابلس، عبد السلام الأسمرالملخص
لقد نجح إقليم طرابلس ومنذ فترة مبكرة في استقطاب العديد من التجارب الولائية والصوفية، اشعت على محيطها المباشر وأحيانا البعيد، وجعلت له مكانة مميّزة ومسرحًا ومقرًا لحياة روحية ثرّية تمركزت حول الزوايا والمساجد والرباطات، وتميز عدد كبير من صوفيته بمستوى علمي جمع بين الفقه والتصوّف، أو العلم والتصوف، وكان لهم دورهم في نشر وإشاعة الثقافة الدينية في عصرهم ، ورغم محافظة أغلب المتصوفة على تقليد زهدي بقي حيا ينتج نموذجا ولائيًا من أهم مقوماته: الصيام، والقيام، والورع، والنسك، والزهد، والانقباض، والخمول، والانقطاع والتقليل من المأكل، والملبس، وتمنّعِ عن تولي القضاء، وعن التعامل مع السلطان.
إلاّ أن السلطة الحاكمة غالبًا ما وقفت من هذه الفئات المتصوفة موقفًا عدائيًا، بعد أن رأت تلك الفئات أن الانعزال التام كان أمرًا ينتجه الماضي بظروفه، ولم يعد باستطاعتهم التزامه، لِمَا شهده عصرهم من تفاقم المِحَن، وتجبّر الظلمة من أصحاب السلطة والجاه الذين انساقوا وراء شهواتهم ورغباتهم المدمرة في إطالة أمد بقائهم، فحاربوا أولياء الله من الصوفية، ولعل المحن التي مر بها الشيخ عبد السلام الأسمر ( 880 – 981 ه / 1475 – 1573 م )، تعطي صورة واضحة عن جدلية العلاقة بين أولياء الصوفية والسلطة الحاكمة خلال القرنين التاسع والعاشر الهجريين / الخامس والسادس عشر الميلاديين.
يهدف البحث إلى مناقشة مجموعة من التساؤلات أهمها: كيف انبثقت مأساة الشيخ، وما أسبابها، وكيف تطور الأمر ليصل لحد النفي والتعقب والمطاردة بهدف القضاء عليه؟ وهل رفضه التعامل مع السلطة السياسية، وتمكنه من إقامة سلطة موازية ذات رافد ديني – روحي - اجتماعي، مرتبطة بالعامّة وتزايد أعداد المريدين الوافدين عليه، كانت السبب في محنه بحياته ولعائلته بعد وفاته؟ وهل أن المجتمع الطرابلسي في تلك الفترة التي عاش فيها الشيخ عبد السلام الأسمر، كان يعاني من أزمة أو تأزم شكّل أرضية سمحت لولايته بالانتعاش، باعتبارها حركة كاريزماتية([1])؟ وهل أن ظروف الفوضى السياسية، وفقدان الأمن وركود الأوضاع الاقتصادية، وما نتج عنها من منخنقات اجتماعية وتفشي الظلم، والتسلط، والفساد، والحرابة، والغزو، والخوف، والكوارث، والآفات الطبيعية، كانت سببًا في البحث عن الحلول البديلة، ولاسيما مقدرة الولي على حلّ كل المعضلات بطرق فعلية، أو وهمية ناجمة عن نفسية تعويضية؟.
[1] ) الكاريزماتية بالمفهوم الذي حّده فيبر: " نسمّي كاريزما الصفة الخارقة للعادة... لشخص وُهب قوى أو صفات تفوق الطبيعة أو تفوق الإنسان أو أقلّه تخرج عن الحياة اليوميّة وليست في متناول عامة البشر، أو يُعتبر مبعوثا من الله أو مثالا يحتذى وبالتّالي يُنظر إليه كزعيم " نللي سلامة العامري: الولاية والمجتمع، دار الفارابي، بيروت، 2006 م، ص 252.
منشور
كيفية الاقتباس
إصدار
القسم
هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution 4.0 International License.