سينما المؤلّف في تونس: بين متاهة الإيديولوجيا وفكرة الهويّة
الكلمات المفتاحية:
سينما المؤلّف، الإيديولوجيا، الهويّة، السّينما التّونسيّة، ثورة 2011الملخص
ترسم سينما المؤلّف في تونس انعكاسا عميقا للتّحوّلات التّاريخيّة والاجتماعيّة والسّياسيّة الّتي شهدتها البلاد منذ الاستقلال، حيث شكّلت مجالا رحبا للتّعبير الحرّ والبحث عن هويّة سينمائيّة تتجاوز مجرّد التّرفيه لتصبح أداة للتّفكير والنّقد. ففي بداياتها، انصاعت هذه السّينما إلى المشاريع الوطنيّة الكبرى الّتي أرادها النّظام السّياسي آنذاك، لتتحوّل إلى وسيلة لتعزيز الهويّة التّونسيّة الحديثة. غير أن هذا التوجه سرعان ما اصطدم بواقع أكثر تعقيدا، حيث بدأ بعض السّينمائيّين في استثمار الصّورة السّينمائيّة لمساءلة التوجّهات الإيديولوجيّة الرّسميّة وكشف التّناقضات الاجتماعيّة التي ظلّت مُغيّبة عن الخطاب العام، "فانفعاليّة الفنّ تنبثق من توجّهه الأيديولوجي". (بوسبيلوف، 1991، ص316) لقد سعى مخرجو هذه السّينما في تلك المرحلة من التّاريخ إلى تقديم نماذج سينمائيّة تمزج مضامينها بين الوعي السياسي والتّجديد الجمالي، ولقد تمثّل ذلك من خلال تصوير قضايا الهويّة الفرديّة والجماعيّة بعيدا عن الخطاب الرّسمي، اعتمادا على شخصيّات مأزومة وسيناريوهات تعكس هشاشة الواقع التّونسي.
ومع اشتداد القبضة الرّقابيّة، أصبح الخطاب السّينمائي أكثر ترميزا، حيث وجد المخرجون أنفسهم أمام معادلة معقّدة تفرض عليهم التّوفيق بين إيصال رسائلهم النّقديّة والحفاظ على إمكانيّة عرض أفلامهم. لكنّ هذا الوضع لم يمنع بعض المخرجين من اتّخاذ مواقف أكثر جرأة، مستخدمين السّينما كأداة لمقاومة القمع السّياسي والاجتماعي، في ظلّ تضييق المجال العام وغياب المنابر الحرّة للتّعبير.
ومع قيام ثورة 2011، شهدت هذه السّينما تحوّلات كبرى، حيث برزت أسماء جديدة استطاعت كسر القيود التقليدية وطرح مواضيع أكثر حساسيّة، مثل قضايا الجسد، الدّين والسّلطة. فلم يعد التّركيز فقط على القضايا السّياسيّة المباشرة، بل أصبح هناك اهتمام أعمق بالأبعاد النّفسيّة والاجتماعيّة للأفراد داخل هذا الواقع المتغيّر.
منشور
كيفية الاقتباس
إصدار
القسم

هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution 4.0 International License.
